السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
اللهم انزل الســـكينة على قلوبنا و زد نفوســنا أَمَنَــةً،
سبحان الله الذي تفرد بالبقاء وحده ، فهو الله الواحد
الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن
له كُفُـوًا أحد، هو الله الذي لا إله إلا هو الحـي القيـوم
، هو الله الذي لا تأخذه سِنَةٌ و لا نوم ،الذي له ما في
السماوات و ما في الأرض .هو الله الذي اختص نفسه
بالدوام و تفرد بالقاء ، من يتــأمل حالنا في أعوامنا
الأخيرة ، يدرك -و بشكل جلي - كثرة تصـاعدات أرواح
البشــر لبارئها و أكثرها بلا ســابق إنــذار من مـرض
أو عجـز أو كبر هـرم، وأصبحت مجالس العزاء تغالب
مجالس المناسبات السعيدة ! فاللهم اجعلنا ممن طالت
اعمـارهم و صـلحت أعمالهم و طابت وتباركت حياتهم
و حسنت خواتيم أعمالهم ، وماتوا و الله راضٍ عنهم ،
فبشرى لكم يا زارعي الخير والقائمين عليه ، و هنيئاً
لكم ياحاصدي ثمارالباقيات الصالحات و طبتم نفوساً
و سلامة صدورٍ يا محسني الظن، و ياناطـقي الخير،
و هنيئاً لكم الفوز بالرضوان أيها الخارجون من هذه
الحياة بحسن المعشر و عطر السيرة و طيب و المذكر .
و حذاري ثم حذاري يا بقيتم على قيدالحياة، احسنوا
ثم احسنوا ثم احسنوا حتى تبلغوا درجة الإحســان ،
و إياكم و الزعل المستمر، و أقلوا من اللوم المستمر ،
فكلاهما مما يُميت لذة كل شيء في هذه الحياة المؤقتة
البسيطة الفانية، لا تجعلوا من كل زلة لسان للآخرين
أصابتكم محطةً للعـراك والتعــارك بينكم، و لا تحملوا
سوء فهمهم أو قلة صبرهم كل أثقالغضبكم و امتعاضكم ،
سواء كانت بقصد منهم أو بغير قصد ، و لا تجعلوا من
ذلك حجر عثرة لتغاضيكم وتسامحكم و عفوكم و إحسانكم .
تحــابوا في الله، و ابدلوا تـداولات حديثكم عن زلل فلان
و خفقات فلان وسيئاتهم؛بالدعوات الصالحة لهم
و باطراء محاسنهم و حسناتهم،لعل في ذلك صلاح
حالهم و استقامة مسالك أمورهم ،احسنوا بتجاوزكم عن
أخطاء الآخرين عليكم و تناسوها، وإياكم أن تجعلوا من
تناول تلك الأخطاء و الزلات معاول هدمٍ و ضياعٍ لحسناتكم
و عباداتكم و صدقاتكم و احسانكم، اكثروا من تنازلاتكم
كرماً من عندكم و حفاظاً على جميل أقوالكم و طيب أعمالكم
و حسناتكم التي افنيتم اعماركم لجمعها في موازينكم ،
اجعلوها ثابتة مصونة لكم ولا تجعلوا منها حسرات عليكم
في يوم التغابن ! و عليكم بحسن الظن و التماس العذر
لإخوانكم و تطاروا بكل كلام جميل، فإن الكلام الجميل
مفاتيح بركة تفتحون بها قلوب من حولكم ، واحرصوا ثم
احرصوا على نبذ الحسد و التحاسد و طهروا نفوسكم من
الاسقاطات الشعورية و الانتقاص من مكانة كل من منحه الله
من فضله بدافعٍ يشوبه الغبن والحسد ، فذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء من خلقه و يمنعه ممن يشاء و ليس لأحد
في ذلك من شيئ ، فأمر ذلك كله بيد الله ، فهو الباسط
والقابض، عودوا أنفسكم على التغامل عن المسيئين مرة
و التغابي مرة ، فليس كل شيء لا يروق لكم يستحق
الأهتمام، على أن كل شيء عند الله مرصود ، فلا تعطوا
الزلات العابرة أكبر من حجمها ، و إن نُقلت لكم كلمة جارحة
قيلت فيكم من أحد ، فهوشوها من فوق مائدةسعادتكم
كما تهوشون ذباباً اراد أن يقع على زادكم !والتمسوا
لعضكم الأعذار حينما لا يكونوا كما عهدتموهم، فالنفوس
آفاق ووديان ولعل بعض النفوس قد أمطرت عليها ظروف
و مستجدات لا يعلمها إلا الله، فسلكت بهم سيولها أودية
غير وديانها المعهودة ، ولعل صدورهم تحوي مكنونات
مؤلمة من التراكمات الحياتية فلا يستطيعون البوح بها
و يكتمونها مجبرين في صدور تحرجاتهم و صبرهم ،
و قد يخفون كتلاً من لهب العوز و الهم والحزن و لا يجيدون
سوى مداراة حرتها برذاذ الصبر و الإبتسامة و الأمل
و بشيئٍ من تفاؤل .
فهيا أيها الأحبة الغالون ؛
اوقدوا قناديل الفرح والسعادة في سماوات قلوبكم و عطروا
أجواء من حولكم بشذا اعطار ارواحكم و اضيؤا غسق
عبوس وجوههم المحزونة و نفوسهم المكلومة و ملامحهم
المعبوسة باشراقات ابتساماتكم و أزاهير سلامكم و وهج
تفاؤلاتكم !
هيا و أغسلوا قلوبكم بصابون حسن الظن التعوّدِ على
عدم الوقوف عند لمم الصغائر و تهميشها من حياتكم
و عدم التدقيق فيها ، هيا و حصنوا نواياكم من نغزات
الشيطان وسوء الظنون ، والتمسوا لأخوانكم الأعذار !
هيا و تعاطوا كل خُلقٍ جميلٍ في حياتكم و تطارحوا
السعادة فيما بينكم و تهادوا راحة البال .
تقبلوا خالص الحب و أعذب الود